recent
أخبار ساخنة

لماذا الأقباط.. ولماذا الآن.. وما الهدف؟

لماذا الآن ولماذا الأقباط وما الهدف؟
وسط مشاعر الحزن والألم، وأرقام الشهداء والمصابين، ومشاهد حطام الكنيسة ودموع الأهالى، تدور فى أذهان أغلبنا أسئلة كثيرة عن الحادثين الإرهابيين اللذان راح ضحيتهما 36 شهيدا، على الأقل، وعشرات المصابين.
استهداف للأقباط أثناء صلاتهم احتفالا بـ"حد السعف" بكنيسة مار جرجس بطنطا، ثم استهداف أخر بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية، فلماذا اختيار اليوم بالتحديد لتنفيذ تلك العمليات بهذه الطريقة؟، ولماذا الإصرار على استهداف الأقباط؟،


 وما هو الهدف من وراء تلك العمليات؟، وهل هى مجرد حلقة من سلسة عمليات إرهابية على مستوى العالم فى الأيام الأخيرة؟، أم هى ضمن مسلسل أخر معد خصيصا لمصر، وماهى الرسائل التى تسعى الجماعات الإرهابية لإرسالها من خلال تلك العمليات، وطريقتها، وتوقيتها؟.
لماذا الآن؟ العمليات تأتى عقب نجاحات دولية كبيرة وبعد عملية "جبل الحلال"
كعادة الجماعات المسلحة، أنها أصبحت تتحرك من منظور سياسى ونفسى على خط متوازى مع الفكر الانتقامى، فاختيار التوقيت المناسب – من وجهة نظره- قد يضاعف تأثير العملية، وهو ما حاولت الجماعات الإرهابية تنفيذه اليوم، حيث تأتى تفجيرات طنطا والإسكندرية عقب تحقيق مصر لنجاحات كبيرة على مستوى علاقاتها الدولية، وبعد زيارة ناجحة للرئيس عبد الفتاح السيسى للولايات المتحدة الأمريكية، والأزمة ليست فى الزيارة جملة، بل فى أن مصرت استطاعت خلالها أن تحول الرئيس الأمريكى إلى شريك حقيقى لمصر فى مواجهاتها ضد الجماعات الإرهابية، بالدعم السياسى، والتمويل العسكرة، وكطبيعة تلك الجماعات أنها تهوى –أحيانا- "فرد العضلات"، والرد على التكتلات الدولية ضدها بعمليات مباشرة تقوى بها عزيمة أفرادها، وتسعى فيها لإحباط بدايات تلك التكتلات.
عزز من اختيار توقيت العمليات إعلان القوات المسلحة نجاح عملية تطهير جبل الحلال الذى يعد أحد أهم البؤر الإرهابية فى سيناء، والذى أحدث تطهيره ردود فعل قوية قللت من قوة الجماعات الإرهابية فى أعين المصريين، ورفعت الروح المعنوية بقوة للجنود، وأضاعت نقطة ارتكاز وقوة مهمة للجماعات الإرهابية فى سيناء، وهو ماجعل تلك الجماعات فى حاجة إلى أن تقلو انها لازالت متواجدة، وقادرة على مواصلة عملياتها، وحتى وإن كانت أضعف وأقل عددا وعتادا.
لماذا الأقباط؟ إشعال الفتنة وإفشال زيارة بابا الفاتيكان ودفع ثمن "30 يونيو"
إن كنت تشعر بأن الأمور زادت عن حدها، وأن الأقباط تحملوا فوق طاقتهم، وأنه " كفاية كده بقى" وأن الأقباط لهم الحق فى أى رد فعل يختاروه، وما إلى ذلك من جمل الغضب والإحساس بأن هناك أمرا أخر غير الإرهاب خلف المشهد، فهذا بالتحديد هو المطلوب من إصرار الجماعات الإرهابية على استهداف المسيحيين بالتحديد.

وتخيل أن نفس العملية بنفس تفاصيلها حدثت فى مسجد وليس كنيسة، هل كانت ستحقق نفس الأثر على نفوس المصريين؟، بالتأكدى لا، فالمطلوب ليس أن يتحد الجميع ضد الإرهاب، المطلوب هو حقن بذور الفتنة بعمليات كبيرة، ليكون كل رد فعل مبرر، وكل سؤال مطروح، وكل الإجابات واردة، وتصبح سوء النوايا والغضب والشك طريق لرؤية كافة الأحداث وأسبابها.
أضف إلى كل ماسبق أن مصر فى انتظار حد جلل، أخر الشهر الجارى، وبالتحديد يومى 28،29 إبريل، وهى زيارة البابا فرانسيس الأول بابا الفاتيكان لمصر، نعم إنه حدث جلل، فلهذا الرجل قداسة تفوق كل رجل الدين المسيحى على مستوى العالم، وله مكانة لاتساويها مكانة فى قلوب أكثر من مليار مسيحى كاثوليكى على مستوى العالم، فليس أفضل من أن تستهدف إفشال تلك الزيارة بعمليات إرهابية مهما كلفت، وان توجهها إلى الأقباط بالتحديد، لتحبط شغف وإهتمام العالم بهذه الزيارة التاريخية.

"احنا بندفع ثمن 30 يونيو"، هذه الجملة أيضا تمثل احد النقاط الأساسية فى إصرار الجماعات المسلحة على استهداف الأقباط، لدعمهم ثورة 30 يونيو ضد نظام الإخوان، ثم دعمهم للرئيس عبد الفتاح السيسى فى كل الأزمات، وهذه الجملة أصبح تقال على ألسنة الأقباط أنفسهم، اكثر من غيرهم، وتكفير الأقباط بما قدموه لمصر وتحملوه فى كل الأزمات خلال السنوات الماضية، هدف تضعه تلك الجماعات أمام عينها.
ماهو المطلوب؟ الإحباط والانشغال بالمصائب وضرب عزيمة الأمن
إذا هل الهدف من تلك العمليات هو ماسبق وفقط، هل الهدف الرد على نجاح زيارة أمريكا، وتطهير جبل الحلال، وإشعال غضب يؤدى إلى الفتنة، وحسب، هل الهدف إفساد فرحة زيارة بابا الفاتيكان المنتظرة، وحسب.

وإن كانت كل تلك الأسباب كافية جدا، لتعتبر الجماعات الإرهابية نفسها نجحت فى مهمتها، إلا أن هناك أهدافا أهم، إن تحققت تحقق لهم النصر، وإن لم تتحقق، فسيصابون بالحسرة، وأهم تلك الأهداف هو الإحباط.

والدليل على ذلك هو تطور تلك الجماعات فى استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى بشكل نفسى دقيق، تحدث عنه الكثير من علماء النفس والاجتماع، ان تلك الجماعات أصبحت تدرك ان زرع الأحباط فى روح المواطنين والجنود والدول هو المكسب الأكبر من كل العمليات، لأنه مكسبا يجعل الدولة والشعب تنهار من الداخل دون عناء أو عمليات أكثر.

فأن تشعر الجماعات الإرهابية أن المصريين أحبطوا – شعبا وجنواد- وأصبحوا يشعرون أن لا أمل فى مواجهة سلاح الإرهاب، وفقدوا الحلم بغد أفضل لنفسهم ولأبنائهم، وأن يشك المواطن فى قدرة جيشه وشرطته على مواجهة تلك الجماعات، ويتحول التكاتف إلى اتهامات، والدعم إلى تشكك، وأن نتحول من الحديث عن مشروعات وخطط واقتصاد، إلى الحديث عن الموت والدم والشهداء والإرهاب، ذلك هو أكثر الأهداف التى تسعى إليها تلك الجماعات، أما ان يشعروا أن تلك العمليات زادت المواطنين وجيشهم وشرطتهم قوة وترابط وأمل وعزيمة لمواجهة الإرهاب والتطرف، فهذا أكبر حسراتهم.
google-playkhamsatmostaqltradent