recent
أخبار ساخنة

العزباويه كنيسة معجزات السيدة مريم بـ«وسط البلد»

 العزباويه كنيسة معجزات السيدة مريم بـ«وسط البلد»


العزباويه كنيسة معجزات السيدة مريم بـ«وسط البلد»


إن كنت من سكان القاهرة، فحتمًا أنك زرت أو سمعت عن كنيسة «العزباوية»، تلك التى تقع بالقرب من ميدان رمسيس، وتعد مقرًا لدير السيدة العذراء مريم المعروف باسم دير السريان للرهبان الأقباط الأرثوذكس بوادى النطرون.

فـ«العزباوية» واحدة من أجمل كنائس وسط القاهرة وأكثرها أثرية، ويتنوع زوارها بين مُحجبة أو مُلتحٍ بجوار مسيحى أو مسيحية، يمسك كل منهم بالشموع، وينظرون بعيون ثابتة إلى صورة «العزباوية» التى حضروا لأجلها خصيصًا، مؤمنين بـ«كراماتها» و«معجزاتها» بشكل أكبر عن بقية صور العذراء.

ما حكاية هذه الكنيسة وصورتها الأشهر؟ سؤال تحاول «الدستور» الإجابة عنه فى السطور التالية، من خلال زيارة جديدة إلى هناك.

كمامة ومطهر شرط الدخول الزيارة 20 دقيقة فقط وراهب للصلاة وأوجاع المريدين



تختلف كنيسة «العزباوية» عن العديد من كنائس الجمهورية من حيث المساحة والتصميم، فللوهلة الأولى بداخلها قد تعتقد أنك تزور أحد المنازل القديمة، التى بُنيت فى عصر محمد على، وغيره من العصور القديمة.

وبمجرد دخولك من الباب الحديدى الواقع على يسارك، وأنت متجه إلى «عطفة القسيس»، ستجد نفسك فى ساحة ضيقة بها صورة كبيرة لـ«العذراء العزباوية»، وأسفلها العديد من الشموع، حتى يتسنى لك الصلاة أمامها إذا وجدت الكنيسة مُغلقة.

وتجد أيضًا فرعًا صغيرًا من مكتبة الدير، يشتمل على بعض منتجات دير السريان، وشموع للراغبين فى شرائها وإشعالها وفاءً لنذورهم، وصور وبعض التذكارات الأخرى، بجانب منفذ خارجى «كانتين» لبيع منتجات الدير من مأكولات ومشغولات.

وقبيل أن تصعد السلم المؤدى للكنيسة، ستجد خدامًا بشوشين، أحدهم يسألك ارتداء قناع الوجه «الكمامة»، والآخر يسألك فتح يديك لوضع قليل من المطهر عليهما، أو يطلب منك الانتظار قليلًا حتى يخرج بعض الزوار من الكنيسة إذا ما كانت مزدحمة، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس «كورونا المستجد»، التى يتم التشديد على تطبيقها فى ضيق مساحة الكنيسة.

ما إن يُسمح لك بالصعود إلى الكنيسة، فستبدأ فى ارتياد سلم أثرى قديم ذى «درابزين» مصنوع من الخشب والحديد، حتى الوصول إلى الكنيسة فى الطابق الأول، حيث ستجد بابها الصغير الضيق على يمينك، وموضعًا للأحذية على يسارك، لتخلع نعليك قبيل الدخول لذلك الموضع المُقدس، كما فعل نبى الله موسى استجابة لله فى العهد القديم.

أرضية الكنيسة الضيقة جدًا مفروشة بسجاد أحمر اللون، ويقف على بابها راهب يصلى للزوار، ويقبل شكواهم من هموم الحياة، ثم ينصحهم بالعديد من النصائح: «صلِّ لحل مشكلاتك كافة الجأ لأم النور ولّع شمعة أمام العزباوية»، أو يهنئ بعضهم الآخر على تحقيق أمانيهم السابقة التى قدموها للعذراء: «ألف مبروك أم النور مبتخذلش حد».

ما إن تترك مكتب راهب الكنيسة، تجد أمامك «طُرقة» طويلة، على يمينها المقاعد المخصصة للراغبين فى الصلاة والاختلاء بالله، والتى لم يعد بإمكان الزوار إطالة الجلوس عليها حاليًا، لأن الزيارة تستغرق من ١٥ إلى ٢٠ دقيقة فقط بسبب «كورونا».

بينما على اليسار يتواجد مزار داخله أيقونة «العزباوية»، صورة العجائب التى تجذب المريدين من الصعيد والوجه البحرى، بل والمهجر أحيانًا، وأمامها عدة أوراق ومجموعة من «المُداح» الذين يمدحون العذراء، وآخرين راكعين أمام الأيقونة فى صمت.

وتفتح «العزباوية» أبوابها من السابعة صباحًا، وتظل مفتوحة ١٢ ساعة متواصلة، وهى تبدأ يومها بـ«القداس الإلهى»، الذى أصبح مقتصرًا على رهبان دير السريان المقيمين فى الكنيسة، ثم يُسمح فى العاشرة تقريبًا بزيارة المريدين الذى يقبلون على الكنيسة من كل حدب وصوب.


كنيسة العزباوية

أهلها أكرموا «العائلة المقدسة» وأصبحت مقرًا لدير السريان


اصطحب «الدستور» خلال زيارة كنيسة «العزباوية» أمجد درياس، الباحث فى التاريخ الكنسى، الذى قال إن تاريخ الكنيسة يبدأ بزيارة العائلة المقدسة إلى أرض مصر.

وأوضح «درياس» أن الأرض التى بنيت عليها الكنيسة كانت حقلًا حظى بزيارة العائلة المُقدسة، حيث وصلت إليها العائلة، وألقى يوسف النجار السلام على أهل المنطقة، الذين رحبوا بهم ورووهم من بئر لا تزال موجودة فى «العزباوية» حتى الآن.

وأشار إلى أن أولى «معجزات» العائلة المقدسة فى المنطقة، بعدما تلقوا معاملة طيبة من الأهالى، كانت نضوج البطيخ الذى زرعه الأهالى آنذاك بشكل مبكر جدًا عن موعده، وذلك صبيحة اليوم التالى لزيارة العائلة المقدسة.

وبالنسبة لتاريخ الكنيسة الحديث، قال الباحث: «حتى القرن التاسع عشر، لم يكن لدير السريان مقر فى القاهرة، وكان مقر الدير الرئيسى آنذاك فى البحيرة، كونها المحافظة التى تتبعها أديرة وادى النطرون، وفق التقسيم الإدارى المعمول به حتى الآن».

وأضاف: «استمر هذا الأمر حتى انتقل القمص يوحنا الفيومى، الذى تولى رئاسة الدير فى أوائل القرن التاسع عشر، من البحيرة إلى منطقة إمبابة بالجيزة، ثم تنقل بعدها إلى منطقة الدرب الإبراهيمى فى الأزبكية بالقاهرة، حينما قرر البابا جمع مقار الأديرة حول مقره الرئيسى، المتمثل فى الكنيسة المرقسية الكبرى».

وواصل: «أصبحت الكنيسة هى المقر الرئيسى لدير السريان فى عهد القمص عبدالقدوس، الذى تولى رئاسة الدير خلفًا ليوحنا الفيومى».

وكشف عن أن الكنيسة سميت بـ«العزباوية»، نظرًا لأن مقر رئيس الدير كان يسمى بـ«العزبة»، حتى أطلقت الحكومة نفسها على المنطقة اسم «عطفة العزبة»، التى تغيرت فيما بعد إلى «عطفة القسيس».

وعن أيقونة السيدة العذراء المشهورة بها كنيسة «العزباوية»، وتعد من أقدم «الأيقونات المريمية» على الإطلاق، قال أحد رهبان الدير: «أيقونة العجايب والمعجزات كانت موجودة فى دير السريان، وأحضرها إلى مقر القاهرة القمص عبدالقدوس».

وأضاف الراهب: «الأيقونة أثرية منقولة عن الصورة الأصلية التى رسمها القديس لوقا الطبيب، رسول السيد المسيح وكاتب البشارة الثالثة فى الإنجيل وسفر أعمال الرسل، وذلك فى القرن الأول».

وبَين أن الأيقونة تُظهر السيدة العذراء حاملة السيد المسيح، ويظهر تحت قدميه القديس يوحنا المعمدان، وخلفه حمل صغير كرمز لـ«فداء المسيح»، كما تظهر السيدة العذراء ممسكة بـ«صولجان».

وأرجع سبب شهرة الأيقونة إلى «العجائب» التى تحدث لمن يصلى أمامها، حتى دفع الأمر دير السريان لأن يطلب من الزوار إرسال تفاصيل «المعجزات» التى تحدث معهم بفضل هذه الأيقونة، قائلًا على موقعه الرسمى: «إذا حدثت معك معجزة بشفاعة السيدة العذراء العزباوية، برجاء كتابتها وإرفاق ما يدعمها من مستندات، وتسليمها فى مقر الدير، أو إرسالها على عنوانه، أو عبر الإيميل الرسمى».


كرامات «أيقونة العجائب»: إنجاب بعد 10 سنوات وشفاء من السرطان وإنقاذ فى الحرب


«ليها زيارة عندى» بهذه العبارة بدأت أميمة عبدالعال، موظفة تبلغ من العمر ٥٦ عامًا، حديثها عن كنيسة «العزباوية»، مشيرة إلى أنها اعتادت على زيارة الكنيسة فى أغسطس من كل عام، للوفاء بنذر عبارة عن مبلغ مالى رفضت الإفصاح عن قدره، لكنها لم تفعل ذلك هذا العام بسبب فيروس «كورونا المستجد».

وقالت السيدة «أميمة» عن سر نذرها: «لم يرزقنى الله بإنجاب أطفال لمدة ١٠ سنوات كاملة من زواجى، وكنت دائمة الإجهاض بصورة مستمرة، حتى نصحتنى الجارة القبطية لوالدتى فى منطقة المعصرة بزيارة العزباوية، التى لا ترفض طلبًا لأى مصلٍ».

وأضافت: «زرت المكان بالفعل وصليت هناك، فتحقق المراد وأنجبت فتاة، ثم رزقها الله بعد ذلك بولد، ومن يومها تكونت علاقة حب بينها وبين كنيسة العزباوية، تعبر عنها بزيارة سنوية وصورة للسيدة العذراء فى منزلها».

لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لـ«أم شنودة»، السيدة الأربعينية التى تحمل على يديها ابنها «شنودة» ذا الـ١٠ سنوات، وتأتى رفقة وزوجها ونجلتيها، بسيارتهما الملاكى من الإسكندرية إلى القاهرة، للاستراحة فى منزل شقيقتها المتزوجة بمنطقة شبرا، ثم زيارة العزباوية، للوفاء بنذر لأيقونة المعجزات.

وقالت «أم شنودة» إن ابنها الصغير كان مصابًا بمرض سرطان الدم، لكن بطريقة إعجازية «مَنّ الله عليه بالشفاء بفضل شفاعة العزباوية»، لذلك تزور الكنيسة للوفاء بنذر نذرته بعد شفاء الابن.

وبحسب راهب الدير فإن من بين «المعجزات» التى حدثت بواسطة «أيقونة العجائب»، واعترف بها الدير على موقعه الرسمى، تلك التى حدثت مع سيدة يونانية، وسجلها أحد آباء الدير فى الأربعينيات.

وقال الراهب إن سيدة يونانية حضرت لكنيسة «العزباوية»، وكانت تبكى بحزن شديد وحرقة قلب أمام الأيقونة، لمدة ١٢ يومًا متوالية، وبعد ذلك تعطى راعى الكنيسة «ريالًا» ليضعه فى صندوق دعم المحتاجين والكنيسة.

وفى إحدى المرات سألها الراعى عن سر بكائها المتكرر، فقالت: «ابنى فى الجيش الإنجليزى وأرسلوه إلى لبنان، وكان دائمًا يرسل لى لأطمئن على أخباره، وفى آخر خطاب له كتب لى أنه مريض جدًا، وبعدها انقطعت خطاباته. أخشى أن يكون قد مات، وعايزة الست العزباوية ترجعهولى سليم».

وأضاف: «بعدها فوجئ الأب بالسيدة أول الداخلين إلى الكنيسة فى وقت مبكر»، وعندما رأته صاحت بفرح: «أبونا أبونا أنا عايزة أحط العطاء النهاردة جنيه»، وكان للجنيه قيمة كبيرة جدًا آنذاك، فلما استفسر منها عن السبب، قالت: «أخيرًا وصلنى خطاب من ابنى».

وبحسب السيدة، فإن ابنها أرسل إليها خطابًا باليونانية كتب فيه: «بعد التحيات والسلام كنت مريضًا جدًا وملازمًا الفراش، والست اللى أنت بَعَتِّيها لى بزجاجة الدواء هى سبب شفائى، لأنها قالت لى والدتك أرسلتنى إليك. شربت من الزجاجة فشفيت فى الحال»، مضيفًا: «سألتها بعد ذلك عن اسمها لكى أرسل إليك لأعرّفك فقالت لى أنا اسمى العزباوية».

google-playkhamsatmostaqltradent