recent
أخبار ساخنة

مخطّط لتهجير المسيحيين في لبنان

 مخطّط لتهجير المسيحيين في لبنان

يوم أمس، انتشر خبر مفاده أنّ جهات سياسية لبنانية غير مسيحية تؤكّد أنّ المسيحيين في لبنان سيهاجرون فتفرغ الساحة لغيرهم فيتحكّمون بالبلاد والعباد. هذا الخبر الذي نشره أحد الصحافيين ليس بجديد، فمخطّط تهجير المسيحيين في لبنان ما زال على نار حامية والحرب في لبنان ضدّ المسيحيين لم تنتهي بعد. بكركي تعرف جيداً هذا الأمر، الشعب المسيحي يعرف هذا الأمر، وتراكم الأخطاء السياسية وصراعات المسيحيين في ما بينهم أدّت إلى ما وصلنا إليه اليوم من إحباط في الشارع المسيحي، والأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها بشكل كبير على المجتمع اللبناني والمسيحي.


كما قلنا، مخطّط تهجير المسيحيين في الشرق ولبنان ليس بجديد، فالدول العربية المجاورة للبنان خسرت مسيحييها ويبقى على اصحاب المخطّط أن يهجّروا ما تبقى من مسيحيي لبنان، والمستفيدون كثر والمتواطئون أيضاً في سبيل تحقيق هذا الهدف، منهم من هو داخل لبنان، ومنهم من هو خارجه.


قال يسوع “كلّ مملكة تنقسم على ذاتها تخرب”، فهؤلاء الذين رغبوا في إفراغ لبنان من مسيحييه عرفوا أنّ إشعال الصراعات داخل البيت الواحد هو الحلّ لضرب العصب المسيحي، وللاسف، صراعات المسيحيين على أرض لبنان، منها السياسية ومنها العسكرية، أوصلتنا إلى الوضع الذي وصلنا إليه، ناهيك عن “عملاء” الخارج الذين ذكرهم مراراً البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير في عظاته وأحاديثه.


دعونا لا نبكي على الأطلال، لا شكّ أنّ تاريخ لبنان الحديث حافل بالصراعات الدموية والسياسية بين أفرقاء الصف الواحد، وربما الهجرة الأكبر عند المسيحيين كانت بعيد صراع الأخوة، ولكن، على المسيحيين في لبنان أن ينظروا أبعد من هذا، وعليهم قراءة التاريخ ليعرفوا أنّ وجودهم في لبنان لن يتزحزح مهما حاول الأقربون والأبعدون.



مخطّط لتهجير المسيحيين في لبنان

تاريخ المسيحيين في لبنان حافل بالاضطهادات، كلّ الطوائف المسيحية في لبنان عاشت الاضطهاد على مرّ السنين، الموارنة، السريان، الأرمن…وهم يعرفون أنّ لبنان أمّن لهم غطاء الحريّة وهم لن يتركوا لبنان سائباً في أيدي الذئاب، ذئاب الداخل والخارج معاً، وكم من يوضاس اليوم يقترع على ثياب المسيحيين.


تاريخ المسيحيين في العالم عابق بالاضطهادت، حتى البطاركة لم يسلموا من القتل، أحرقت قرى بأكملها، ارتكبت مجازر شنيعة بحق المسيحيين، ولكن على الرغم من هول الأحداث، لم تستطع قوة على هذه الأرض من اقتلاع المسيحيين من وطنهم.


اليوم، أكثر من اي وقت مضى، على المسيحيين جميعهم الالتفاف حول مواقف بكركي، والمسيحيون وبدل التلهّي في صراعات المحاور، عليهم التضامن في ما بينهم بعيداً عن الخلافات السياسية والإقليمية، ولا بد من صحوة ضمير في المجتمع المسيحي الذي عليه أن يعود إلى ربّه الذي وحده حمى الشعب المسيحي في لبنان على مرّ السنين.


مبدأ الحياد الذي طرحه البطريرك الراعي هو الحامي الوحيد للمسيحيين، الذين للاسف فقدوا دورهم في الشرق، دورهم الريادي والحضاري وهم بناة جسور قبل أن يكونوا أتباع محاور.


في كلّ مرحلة حاول البعض النيل من الوجود المسيحي في لبنان، وهب الله القوة والحكمة لكنيسته في لبنان لتكون رأس حربة في الدفاع عن المسيحيين، وهي عارفة، أي الكنيسة، أنّ العولمة ضربت أسس المجتمع المسيحي الذي لن يعرف القيامة إلّا بحمل الصليب والتخلّي عن آفات ضربت كاهله.


إلقاء اللوم على المسيحيين في ما وصلوا إليه سهل، وهم طبعاً يتحمّلون أعباء ما وصل إليه مجتمعهم والأمثلة بالآلاف على الرغم أنّ كثيرين حتى اللحظة لا يقبلون بتحميلهم مسؤولية ما وصل إليه مجتمعهم، ولكن، على الرغم من القلّة الباقية في لبنان، لن يبخل المجتمع المسيحي برجال دين وابطال وحكماء سيحافطون على وجودهم مهما كلّف الأمر.


هل على المسيحيين الخوف؟ لا، فوجودهم في لبنان ليس من باب الصدفة، هم زرع الله في حقل مليء بالألغام، وقديسو لبنان لن يتخلّوا عن شعبه الطيّب، وللذين يحاولون زرع الإحباط في الشارع المسيحي لن يفلحوا في النيل من صلابة المسيحيين، ومخطىء من يحاول محو المسيحيين في لبنان أو التقليل من قيمتهم، فلا  قيامة للبنان من دون مسيحييه، ولا قيامة للشرق من دون مسيحييه، ولا سلام من دون المسيحيين.


المسّ بالوجود المسيحي بلبنان، هو مسّ بمخطّط الله، وهذه الأرض التي روتها دماء الشهداء، من رهبان وبطاركة وأبطال، هي سدّ منيع في وجه جميع الذين يفكّرون أو يعملون على تهجير المسيحيين أو إخضاعهم، والتاريخ شاهد أنّ لا قوّة على هذه الأرض باستطاعتها النيل من المسيحية، وابواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة في لبنان والعالم.

google-playkhamsatmostaqltradent