recent
أخبار ساخنة

البابا فرنسيس : هناك خطر فيروس أخطر من كورونا بعد الكورونا

البابا فرنسيس : هناك خطر فيروس أخطر من كورونا بعد الكورونا


عظة البابا بمناسبة أحد الرحمة الإلهية
احتفل البابا فرنسيس صباح يوم ١٩ أبريل بالقداس بمناسبة أحد الرحمة الإلهية في كنيسة الروح القدس في ساسيا بالقرب من الفاتيكان.
ننشر في ما يلي عظة البابا:

يوم الأحد الماضي احتفلنا بقيامة المعلم واليوم نهد على قيامة التلميذ.

لقد مر أسبوع. أسبوع عاشه التلاميذ بالرغم من انهم قد رأوا القائم من الموت بالخوف والأبواب مغلقة، ومن جون ان يتمكنوا من إقناع توما الذي كان غائبا بالقيامة.

ماذا فعل يسوع إزاء عدم الإيمان والخوف؟ عاد ووقف مجداً بالطريقة عينها بين التلاميذ وكرر لهم السلام عينه. السلام عليكم! لقد بدأ من جديد. من هنا تبدأ قيامة التلميذ، من هذه الرحمة الأمينة والصبورة ومن الاكتشاف بان الله لا يتعب أبداً من ان يد لنا يده لكي ينهضنا من سقطاتنا.

هو يريدنا أن نراه هكذا، لا كسيد علينا ان ننظم حساباتنا معه وإنما كأبينا الذي ينهضنا على الدوام.

نحن نسير في حياتنا متعثرين كطفل قد بدأ بالسير ولكنه يقع. يقوم ببضع خطوات ويسقط من جديد. يسقط ويسقط مجدداً وفي كل مرة ينهضه أبوه.

إن اليد التي تنهضنا هي الرحمة على الدوام. إن الله بعرف أننا بدون رحمة نبقى أرضاً وأنه لكي نسير نحن بحاجة لمن ينهضنا.

قد يعترض احدكم قائلاً “ولكنني أسقط على الدوام”. إن الرب يعرف ذلك وهو مستعد على الدوام لكي ينهضك مجدداً ولا يريدنا ان نفكر بسقطاتنا باستمرار وإنما أن ننظر إليه هو الذي يرى في سقطاتنا أبناء عليه ان ينهضهم وفي بؤسنا أبناء عليه أن يحبهم بالرحمة.

اليوم من هذه الكنيسة التي أصبحت مزاراً للرحمة، وفي الأحد الذي ولعشرين سنة خلت، خصصه القديس يوحنا بولس الثاني للرحمة الإلهية نقبل بثقة هذه الرسالة.

قال يسوع للقديسة فوستينا “انا الحب والرحمة ولا يوجد بؤس يمكنه أن يتصدى لرحمتي”.

وفي إحدى المرات قالت القديسة ليسوع بفرح إنها قد قدمت له حياتها بأسرها وكل ما كانت تملكه. لكن جواب يسوع صدمها إذ قال لها: “لم تقدمي لي ما هو لك فعلياً”، فبماذا قد احتفظت تلك الراهبة القديسة لنفسها؟ قال لها يسوع بلطف “يا ابنتي أعطني بؤسك”.



يمكننا نحن أيضاً أن نسأل أنفسنا “هل أعطيت بؤسي للرب؟ هل أظهرت له سقطاتي لكي ينهضني؟ أم أن هناك شيئاً أحتفظ به في داخلي؟ خطيئة ما أو ندم من الماضي أو جرح أحمله في داخلي أو حقد تجاه أحد الأشخاص أو فكرة معينة حول شخص ما؟ إن الرب ينتظر أن نحمل إليه بؤسنا لكي يجعلنا نكتشف رحمته.

نعود الى التلاميذ. كانوا قد تركوا الرب خلال آلامه، وكانوا يشعرون بالذنب، لكن يسوع عندما التقاهم لم يوبخهم، وإنما إذا كانوا مجروحين في داخلهم أظهر لهم جراحه. لمس توما هذه الجراح واكتشف الحب وكم تألم يسوع من أجله هو الذي تركه. في تلك الجراح، لمس لمس اليد قرب الله الحنون. كان توما قد وصل متأخراً ولكن عندما عانق الرحمة تخطى التلاميذ الآخرين. فهو لم يؤمن بالقيامة وحسب وإنما أيضا بمحبة الله التي لا تعرف الحدود، وقام باعتراف الإيمان الأبسط والأجمل: “ربي وإلهي”! هذه هي قيامة التلميذ وقد تمت عند دخلت بشريته الضعيفة والمجروحة في بشرية يسوع.  هناك تتبدد الشكوك وهناك يصبح الله إلهي. هناك أيضاً نبدأ مجدداً بقبول ذواتنا ومحبة حياتنا.

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء،

في هذه المحنة التي نعيشها نحن أيضاً على مثال توما بمخاوفنا وشكوكنا قد وجدنا أنفسنا ضعفاء. نحن بحاجة للرب الذي يرى فينا أبعد من ضعفنا، جمالا لا يمكن قمعه. معه نكتشف مجدداً بأننا ثمينين في ضعفنا وهشاشتنا. نكتشف اننا كبلور ثمين هش وجميل في الوقت عينه وأنه إن كنا كالبلور شفافين أمامه فسيسطع نوره نور الرحمة فينا وفي العالم من خلالنا. هذا هو السبب لكي – كما قال لنا القديس بطرس في رسالته – نهتز فرحاً، مع انه لا بد لنا من الاغتمام حيناً بما يصيبنا من مختلف المحن.


في عيد الرحمة الإلهية هذه، يصل الإعلان الأجمل من خلال التلميذ الذي وصل متأخراً. وحده كان غائباً، ولكن الرب انتظره. عن الرحمة لا تتخلى عن الذي يبقى في الخلف.

والآن فيما نفكر في العودة الى الأوضاع الطبيعية بعد الوباء، يتسلل إلينا هذا الخطر أن ننسى الذي بقي في الخلف. فالخطر هو بأن نصاب بفيروس أسوء وهو فيروس الأنانية اللامبالية، وينتقل من خلال فكرة أن الحياة تصبح أفضل إن أصبحت أفضل بالنسبة لي ولان كل شيء سيكون على ما يرام إن صارت الأمور على ما يرام بالنسبة لي.

ننطلق من هنا ونصل الى اختيار الأشخاص وتهميش الفقراء والتضحية بمن بقي في الخلف على مذبح التقدم والتطور.

ولكن هذا الوباء يذكرنا بان لا توجد اختلافات وحدود بين الذين يتألمون. جميعنا ضعفاء وجميعنا متساوون وجميعنا قيّم. إن ما يحصل يهزنا في داخلنا. لقد حان الوقت لإزالة عدم المساواة ولإصلاح الظلم الذي يهدد جذور سلامة البشرية بأسرها.

فلنتعلم من الجماعة المسيحية الأولى التي يصفها لنا كتاب اعمال الرسل. كانت قد نالت الرحمة وتعيش برحمة وكان جميع الذين آمنوا جماعة واحدة يجعلون كل شيء مشتركاً بينهم. يبيعون أملاكهم ويتقاسمون الثمن على قدر احتياج كلّ منهم. هذه ليست إيديولوجية، هذه هي المسيحية.

في تلك الجماعة، وبعد قيامة يسوع، شخص واحد كان قد بقي في الخلف والآخرون انتظروه. اما اليوم فيبدو العكس. جزء صغير من البشرية قد صار قدماً فيما بقيت الأكثرية في الخلف، وبمكن لكل فرد منا أن يقول “إنها مشاكل معقدة وليس من واجبي ان أعتني بالموازين وإنما هذا واجب الآخرين”.

كتبت القديس فوستينا بعد أن التقت بيسوع : “علينا ان نرى في كل نفس متألمة يسوع المصلوب ولا عبئاً او ثقلاً لنا”.

“يا رب، انت تعطينا الإمكانية لنتمرس في أعمال الرحمة ونحن نتمرس في إطلاق الأحكام.”

وأحد الأيام، تذمرت هي أيضاً على يسوع لأنه عندما يكون المرء رحوماً يتم اعتباره ساذجاً، وقالت: “يا رب غالبا ما يتم استغلال طيبتي، فقال لها يسوع: “لا يهم يا ابنتي، ولا تكترثي لهذا الأمر، وغنما كوني على الدوام رحومة مع الجميع”. نعم مع الجميع، لا يجب أن نفكر فقط بمصالحنا وبالمصالح الخاصة.

فلنقبل هذه المحنة كفرصة لكي نعد المستقبل للجميع وبدون استثناء أحد. لأنه وبدون نظرة شاملة لن يكون هناك مستقبل لأحد.

إن محبة يسوع العزلاء والساحرة، تقيم اليوم قلب التلميذ. لنقبل نحن أيضا على مثال توما الرسول الرحمة، خلاص العالم. ولنكن رحماء مع الأشد ضعفاً. هكذا فقط سنبني مجدداً عالما جديداً.

google-playkhamsatmostaqltradent